حمدان الجنيدابي.. يتذكَّر:
أنه.. في تلك، الليلة الليلاء.
حيث الزمان.. كان هو، غير الزمان.
حيث المكان.. كان هو، غير المكان.
حيث الناس.. كانوا هم، غير الناس.
حمدان الجنيدابي.. يتذكّر:
أنه.. في تلك الليلة، بعينها.. لا غيرها، أرعدت السماء، دونما سحب.. واهتزّت بفعلها.. الأرض، والجدران، والبشر...
في أجواء شهر يناير الشتوية ، وسنان الزمهرير تخترق جسدي ،طوقت جسدي بذراعىَّ أستدفئ بهما ، وقد أخذ قبطان الطائرةِ يرتفع
بها تدريجيا عن الأرض ، باحتراف مُشَوِّقٍ ، وها هو النهار يطارد الليل ، يجليه عن كوننا ليبسُط فسطاطه ، على كونٍ بالجانب الآخر من الأرض.
ألصقت وجهى بزجاج النافذة المجاورة ، ألمح...
على مقربة من نهر مدينتي الذي أعشق السير حافيًا على ضفافه ساعة المغيب .. وبينما أنا منشغل بصوت جريان مياهه .. تعثرت بشيء .. كانت جثة طائر السامون ..
توقفت وكأنها المرة الأولى التي أشاهد فيها طائر مقتول .. ليس منظره وهو ميت من أثارني .. بل تلك النظرة في عينيه والتي بثت الحزن في قلبي...
مثل كل الصبية لم تشهد ايامة سيركا حقيقيا إلا في تلك الأيام من صباه في البصرة، كان يسكن في منطقة تسمى الطويسة وهي في الجهة الاخرى من الجسر الاحمر الذي كان الموقع لنُصِب خيام السيرك الكبيرة والصغيرة، ذُهِل حقا بما يراه من رجال ونساء وحتى أطفال بعمره أو اكبر منه قليلا وهم يتواكبون بين الحشد الكبير...
ركبت السيارة بجانبه وانطلقا يطويان المسافات، و يشاهدان حقول القمح وقد اصفرت وحان حصادها’ ويستمعان لموسيقى هادئة من سنفونيات بيتهوفن الجميلة ، كان متيما بها ينظر إليها وكأنه يراها لأول مرة، تحابا وتواعدا أن يظلا مخلصين لبعضهما وأن لا يفترقا أبدا، كان لا يمر يوم عليهما دون أن يلتقيا، يتنزهان...
أعرف أنك لن تصدقنى .. فمهما حاولت ستكشفك هذه الدهشة المتهكمة .. تعرف ربما تكون معذورا ولن ألومك فأنا نفسى لا أعرف كيف حدث هذا .. صب كوبا آخر من البيرة وخذ هذه السيجارة ولا تجعل نظرة الشك فى عينيك توقفنى عن الكلام .
كان من الممكن أن يظل الأمر منسيا فى ذاكرتى كأنه حلم ، لولا أن رأيتها بالأمس...
كانت هيئة جارنا " أبو حسن " من الصور الرئيسة التي علقت بذاكرتي منذ أيام طفولتي الأولى، خاصة أيام الجُمَع، عندما كان يمر من أمام بيتنا في طريقه إلى المسجد. فقد كنت أتأمل عن بُعد قامته المديدة، وقمبازه الكحلي الوحيد، وكوفيته الناصعة البياض، فإذا اقترب منا نحن جماعة الأطفال الصغار المتحلقين حول...
تجرني الحياة من أذنيِ...كصبي مشاكس وأستاذة حاقدة..لكن... إلى أين تذهبين بي يا أستاذة حياة؟
والأستاذة حياة لا تجيب، بل تسير وتسير وأنا مُنجر من أذني منحنياً خلفها..
...
قال ضاحكاً:
-كنت أهمس بأنها ربما ستلقي بي على كرسي أمام طاولة قُبالة فتاة جميلة..
فأطيعها قليلاً وأقاوم كثيراً"..
يضع ساقاً فوق...
"في الصباح احزم أمتعتك وارحل".. تراودني فكرة واحدة تخمش بقدم نسر في أكوام أفكاري.. الابتعاد عن هذه القفار.. "احزم أمتعتك وارحل".. على قارب من قوارب الموت "ارحل" لا يهم تهتز في رأسي كبندول الساعة، قال أبي: "ارحل"، وكذلك خالي العجوز محني القامة، وهو يستند بيد على الجدران في ظلمة الليل الحالك، يدا...
كان عليَّ أن أذه - ب مسرعا لأكمل مطلوبات السفر للخارج، بعدما أعادني مسئول السفارة لمرور أكثر من عام علي الصور التي قدمتها مع الأوراق، سألت عن استديو كي ألتقط صورا فورية لألحق مكاني في الطابور الطويل، بعد أن رجوت مَن أمامي ومَن خلفي أن يحفظوا لي موقعي حتى أعود بالصور الجديدة، عمارة قديمة جدا...
أحست بجسم غريب أملس يلتصق بها، وعند بزوغ أول خيوط الصبح فتحت عينيها أذهلها ما رأت. كان ثديها المكتنز كرمانة كبيرة يتدلى من الحمّالة، وثعبان كبير يمتص حلمتها. تصَلَّبت شرايينها وتجمدت واقشعر بدنها وتشوك كل زغب فيه، أغمضت عينيها ثم فتحتهما . نظر الثعبان إليها وترك الحلمة في استحياء ودخل ثقبا في...
مغمض العينين تبعته، وها أنا وحدي أترقب قدري، يشدني الحنين إليه، ترى أين هو الآن؟
يقال صعد إلى السماء؛ حتى المسيح بعضهم رآه كاذبا، أولاد الأفاعي مكروا به، يهوذا على خشبة الصليب مكانه، ما يزال طريق الآلام يدمي العابرين.
استدار إلي حين رآني مغضبا،أتبعني بمقولة لا يزال صداها في أذني:" نقاتل الناس...
أنا متأكدة من أنه سيأتي، لقد أقسم على ذلك بأغلظ الأيمان. بكل صراحة.. هو لم يكن مضطرا للقسم. فأنا صدقته من أول كلمة قالها، وما زلت مستعدة لتصديق أي كلام يصدر عنه. نعم.. فهو أصدق من الصدق، رغم ما يحاول وعيي الشقي أن يزرعه من شكوك بيني وبينه بإيعاز مما يسميه تجارب الحياة، ودسائس الحساد المتنكرين في...