لا تنكر وحيدة أنها أحبت حسان فى يوم من الأيام، يوم بعيد جدا، أيام كان نحيفا كعود بوص، يسير فى حواري وأزقة " الطابية " بجلبابه الهفهاف وقامته المديدة كالنخلة. كان يعمل لدى مقاول أنفار ُيدخل ورق الدشت إلى شركة الورق، أو يَرفع العجينة المتخلفة من الصناعة، لكن بعد وقت قصير اقتنع به المقاول وجعله...
جلس مسن فلسطيني يتصفح الجريدة .. مرت أمامه صور مأساوية من الكارثة التي حلت بشعب كوسوفو المسلم , كان من بينهم رجل يحمل مفتاح بيته وعينه تشع بأمل العودة القريبة .. توقفت الذكريات بغزارة فملأت رأس الشيخ .. خمسون عاما مضت والمفتاح في جيبي .. كنت في بدايات شبابي , داهموا البلد من كل جانب بعد...
كانا كلما هاج شوقهما، وارتفع توترها، وتوهج نبضهما ،يلتجآن إلى حقل الذرة، هو من الشرق يأتي، وهي من الغرب. هناك وتحت حماية السيقان النابتة وأكواز الذرة، يزاولان لعبة التخفيف. صارا على هذا الدرب سنين عددا، إلى أن بدأت تشعر بالغثيان والرغبة في التقيؤ، أدركت أنها حامل، وأن الفضيحة قادمة لا محالة،...
منذُ أن غابت ليلى عن (كاونتر) الاستقبالِ وهو عازفٌ عن شُربِ القهوة ، آخر مرةٍ شربَ فيه قهوةً كانت من صُنع يدها ، انسلّت من خلفِ الصفوفِ لتصبَّ له خُفيةً وتقول له إنها لم تُشرب أحدًا غيره من هذه القهوة ، قالت له حينئذ : هؤلاء الذين يحتسون القهوةَ لإزهاقِ الوقتِ يشربون قَهوةً من صُنعِ العاملاتِ...
صعدنا الباص ، أنا وهي ، باتجاه البصرة ، في واجب صحفي . أنا المحرّر وهي المصورة ، هدفُنا ، نقل ما خلفتّه حرب السنوات الثمان على هذه المدينة ، التي شبعت قصفاً وعطشاً وحرقاً لنخيلها وأشجارها وتجفيفاً لاهوارها المتآخمة لضواحيها . أقتنع مدير التحرير بإرسالها معي ، في هذا الواجب ، بعد أن أخبرتُه إننا...
• أخرجت الجدَّةُ من صدرها علبتها الصفيح الصغيرة الملأى بالتبغ ، أخرجتْ من ( جِزْلَانها ) الكبير علبة الصفيح الثانية الملأى بورق ( البَفْرَة ) ، بدأتْ تلفُّ سجائرها في صمتٍ مهموم ..
كان من المألوف في الصعيد أن ْ تتصدر النساءُ مجالسَ الرجال وتجمعاتِهم ، وأن تشدّ دخان ( الجوزة ) وتلف السجائر...
رغما عن الأخطاء الكارثية ، والفساد المقنن الذي استشري، في عهده، كشبكة عنكبوتية مرعبة ، والوصول لمستويات متدنية في منظومتي التعليم والصحة، وما حدث من تدمير للقطاع العام، وإهمال كبير للتنمية الاقتصادية، والسماح بظهور كيانات احتكارية كبرى تحكمت في مفاصل الدولة اقتصاديا، وسياسيا، وضاعفت الفوارق...
ذهبَ إلى الطبيبِ بعد أن شَكَّ في دُخولِ حَشرةٍ صَغيرةٍ سوداء في أنفه يُسمُّونها عندهم ( نُقَدَة) ، أجلسَه الطبيبُ على كرسيٍّ أبيضَ مريح وراحَ يستمعُ إليه ، اشتكى في البدايةِ للطبيبِ من منخاريه الواسعين وكثرةِ الشَّعَر فيهما ، وأنه إذا عَطسَ في شمالِ الحيِّ يسمعونه من جنوبه ، ضحكَ الطبيبُ ومازحه...
نظرتُ من ثقب الباب . شعر منكوش . ثوب شبه ممزق عليه ورد كثير. خفتُ مما رأيتُ . تراجعتُ . وقفتُ جوار الحائط في الظل مرعوبا . اقترب مني وسألني عما يخيفني . أشرتُ له نحو باب بيت عبلة . لم يفهم ما قصدتُ . حلقي جاف . عجزتً عن النطق ، وأشرت له بيدي ثانية نحو باب دار عبلة .
سار بحذر . وصل الباب . نظر...
حملت ما استطعت جمعه من أشيائي البسيطة: أوراقي المهترئة وبضعة ثياب أختزنها ليوم الوجاهة، قنينة حبر؛ ريشة من جنح إوزة؛ أدون بها وقائع رحلتي إلى المدينة البعيدة؛ فقد جاءتني رسالة بالبريد"أن احتفالا كبيرا يعد لأجلك فاحضر في قطار الغد".
سرى ذلك الخبر في كفرنا الذي يعتاش على النميمة ويتدثر بالرغي؛...
هي.... لم تسمح لابنتها قط بأن تطأ بقدميها بلاط المنزل .
تضعها فوق سرير حجرة النوم وتطفئ كل أنوار البيت .
فقط تترك أباجورة صغيرة تشع نورا خافتا .
فهي تخشي عليها من الميكروبات، التي تحسبها تملأ أرضية المنزل وهي تخشى على عينيها من الإضاءة القوية.
لا تسمح لها برؤية الناس ،حتي أقاربها إلا للضرورة...
جثى على ركبتيه، نظرات عيونه البنية مصوبة بقوة نحو سجادة الغرفة القديمة المتربة، كأنما يستحضر قصيدة جديدة تهتز شطراتها وصورها أمامه. الغرفة فارغة من المحتويات سوى طاولة صغيرة فوقها جهاز كمبيوتر قديم ديسك توب مفتوح يتصل براوتر لاستحضار الانترنيت والتواصل مع العالم، وكاتيل لعمل الشاي أو غيره من...
غَيْرُ مُجْدٍ في مِلّتي واعْتِقادي
نَوْحُ باكٍ ولا تَرَنّمُ شادِ
وشَبِيهٌ صَوْتُ النّعيّ إذا قِيسَ
بِصَوْتِ البَشيرِ في كلّ نادِ
أبوالعلاء المعري
* ملحوظة :
《كل الصفات والنعوت المذكورة في هذا النص، محض تخييل.. وكل تشابه بينها وبين...
من داخل الحافلة لم أكن أعلم أي شيء!!
أين نحن!!
أو إلى أين نتجه؟!
تلفت حولي في ذهول... تأخذني رجفة... تبتلعني الحيرة، وتعصف بي الظنون!!
معي أشخاص كثر، أحسب أنني أعرف بعضهم, ما يهمني الآن،و أفكر فيه هو مجرد الوصول إلى نهاية هذه الرحلة....
ثمة رجل طاعن في السن، يحمل اناءً كبيراً، ممتلئاً بقطع اللحم...