أمي مشغولة دوماً. لم تغيّر عاداتها كثيراً. وما تغير من أحوال لم يكن لها فيه إرادة أبداً، رغم أنني لا أعتقد أنّ أمي كانت مسلوبة الإرادة لسبب بسيط وأولي: أمي تمتلك حديقة أنيقة ومزدهرة
حديقة أمي تبدأ من رقعة بمحاذاة غرفة الأولاد العتيقة في المالكية، تمتد بخفة بهيجة للتغلغل في حدائق حلب، ترفع معدل...
صف سيارته بالقرب من دار الإفتاء، مرق من أمام مسجد قايتباي، وقف هنيهة على ناصية شارع الإمام، شهد جمعًا غفيرًا، يحملون نعشًا ملفوفًا بجبة خضراء، تشبه ثياب الكهنوت، تراكضوا خلفه رجالًا ونساءً، عبروا به شارع صلاح سالم، وهناك.. أنزلوه وقد تبلل الكفن بالدموع، التي انثالت من العيون، انثيال المطر...
الحياة بالنسبة له قضبان حديدية لاتنتهى، يقطعها ليلا أونهارا ،لايرى فى الأفق سواها يميز معالمها بوضوح شديد عندما يبطءالقطار الذى يقوده من حركته، لم تسلم هى الأخرى من اللطمات الغادرة للزمن فبعضها صار عتيقا مثله تماما بعد أن أصبح شعره الأسود اليوم ناصع البياض كالثلج.
حياته موزعة بين مجموعة من...
تنتشر محلاته بقريته الصغيرة، تلك القرية التي أطلت منذ ولادتها على ترعة، ترهلت شواطئها جراء النزوح المتكرر لفتياتها وسيداتها في الصباح الباكر لغسل الأواني والملابس المتسخة، ومن ثقل حوافر بهائمها أثناء الارتواء، والسباحة الممتعة تحت قيظ شمس الصيف. على جانبي الترعة تناثرت أشجار الجميز والتوت...
لم تقززني رائحتها حين أحملها وأحل جديلتها على كرسي الاستحمام اليومي، لكن تيه نظراتها الشاردة يلسعني: "مين أنت..."، وقد كنت كل سنين عمري أسألها "مين أنا"، ويجيب الصمت القاهر.
الريح في الخارج تعوي وقلبي في الأسى يهوي،
غسلتها وطهرتها ودثرتها بالقماش الأخضر المعطر بماء الزهر والكافور:"مسامحتك...
ترسب في ذهني منذ الطفولة انطلاقا مما كان يحكيه الاهالي، ان ظهور طيارة في السماء هو دليل شؤم. و يسوقون عن ذلك مثال "الطيارة الحمراء" التي لم يجلب تحليقها غير الويلات و المآسي. و حتى بعيدا عن الحروب و المواجهات، فالطيارة ظلت في حدود الصورة نفسها. فهي تنتزع الافئدة من احضانها، و تلقي بهم في شتى...
الحصاة تحت لساني صارت صخرة، لو بصقتها بوجه السماء لارتدّت إليّ وسحقتني.
سأجرّب أن أفتّتها حصىً صغيرة أذروها في عيون الحُماة، فيحسبون أني أعني بفنون التعذيب غوانتانامو وبالديكتاتور الأكبر فرعون.
الملاءات البيضاء على الأسرّة، لباس الممرضات، ابتساماتهن البيضاء.. كلّها كلّها تواطؤ خفي مستفزّ مع...
فتنتها الصحراء شعراً وتصويراً، عشقتها بعين الشعراء العرب، وكاميرات المصورين، وأفلامهم عنها، لكنها أجلت زيارتها كثيراً خوفاً من أن تصدمها مواجهتها، فضلت أن تحبها في خيالها عن بُعد، على أن تكتشف سرها بنفسها، لكنها هذه المرة، لم تستطع أن تقاوم دعوة صديقها المصور إلى رحلة عبر الصحراء الغربية إلى...
الذنبُ ليس ذنب أخي حين اعتبر النباتات مادةً صالحةً للاستثمار، فراح يعتني بها حباً ورغبةً بجمع الثروة والمال.
فنحن في واقع الحال محصلة ما يزرعهُ الآخرون فينا: أهلنا ومحيطنا. ولسنا سوى نتيجة لأفكارهم، ظنونهم، تجاربهم واعتقاداتهم، وإلى أن نعي هذا كله و نصبح جاهزين لنقرر ما نريد أن نكونه، حتى يكون...
واجهة المدينة معتمة على غير العادة، حاول عم أيوب أن يتباسط معي؛ كثيرا ما يتحرك في شوارع مدينته التي بهتت معالمها، عاد يتذكر سنوات عمره حيث تسكع في الممرات الخلفية، تطارده شياطين ترتدي أقنعة مزيفة؛ الآن يأوي إلى طاولة الصحف الخشبية، بالقرب من الميدان الأبيض ،حيث يطالع وجوه العابرين صباحا، كتب من...
عند الظهيرة، اعتلى رجل أنيق سطح العمارة التي لم تجهز بعد، وهناك صادف أحد عمال البناء يتناول وجبة غذائه وحيدا.
تبادل الرجلان نظرات تقدير صامت، ثم طفق الأنيق ينقل بصره، بين مباني المدينة العملاقة، كأنه شاعر يبحث عن مصدر إلهام، وبعد لحظات التفت إلى العامل، بسيط الشكل والمأكل، ليشاركه بعض تجلياته:
-...
تمتد يد ديك الجن إلى خمار ورد، يرفعه عن شعرها:
- ما أجملك يا ورد.
تعَّرف عليها في دكان أبيها – بائع الأقمشة – في سوق حمص، فهي تساعد أباها في البيع.من يومها وهي وديك الجن يتقابلان خلسة، يحدثها عن أشعاره، وتحدثه عن والدها ودكانه وزبائنه الذين يأتون – أحيانا – لمتابعتها، وعن أمل أبيها في أن يزوجها...
رويدا رويدا، إنكم تعصبون أعينكم، ولا تنفكون، تمضون فوق أشواككم .... هل أنتم تشربون من نير طيشكم؟!
أم لعلها هي البنت التي حلت ضفائرها ولعله الولد الذي ترك لها مفتاح الحياة و قد يكون هو شيخ يلهث خلف سرب من حمام وسراب من دخان؟!
قد تدعوه يوما امرأة تلوك في فمها اللبان وترتدي الجينس المتقطع، تمنحه...
لأحلامك أجنحة. تحلق بعيدا وترفع في وجهك أصبعها الوسطى وتقهقه. تسبقها إلى الفراش، إلى سرير انبعج من كثرة ما سجيت عليه جسدك المتآكل. تغلق عينيك وتغطي رأسك. صرت تكره الأحلام والسرير وكل شيء. كانت ترسم لك غدا مطرزا بالورود. لم تتفتح تلك الورود. تنام مبكرا حتى لا تلتقي أباك وتسمع زعيقه وهو يلعنك...
الى الغائب الحاضر.. الى محمد اليعقوب
((لم يَكُنْ لَدَينا شيءٌ لِنَنساهُ لأَننا نُحِبُّكُم))
وهكذا انتشر عشرات البحارة على ساحل الخليج العربي حيث راح أحدهم يصلح قاربه الصغير الذي تاكلت بعض أخشابه واستعد لاستبدال مزيد منها، بعد أن جلبها البحارة من الهند أو من الغابات الأفريقية المختلفة لتطلى...